الأربعاء، 23 فبراير 2011

هلاوس ليلية




لم يكن يدرى انه سيأتى الى هنا...فقد قطع عهدا على نفسه ألا يأتى الى هذا المكان ابدا بعد تلك الحادثة التعسة
الساعة الرابعة ليلا...مع اصوات كلاب الشوارع ...الهواء يحمل التراب ويصدمه بحوائط المنازل....وهو....يرشف اخر ما تبقى فى كوب من الشاى بعينين شاردتين لا تنظران حولهما....وكأنهما مغلقتين ...انقطعت الكهرباء...كما لو انه كان يحس بها اصلا عند وجودها!!!
امسك بمفاتيحه....."ليه لا يعنى....مش هيحصل حاجة ،كلها خمس دقايق وهرجع البيت على طول"
بضع ثوان من الشرود.....يهرع الى بوابة المنزل
يمشى ف الطرقات كالمجذوب...لا ليس كالمجذوب...هرولته لم تكن بتلك العشوائية...وانما كرجل اعمال مشغول يلاحق المال اينما ذهب...عدا انه ليس يلاحق المال....انه ذاهب الى هناك...فهو لم ينسى....رغم ادعاءه النسيان..لا لم ينسى وجهها الحاد وعينيها الغجرية الخضراء اللتان تضيئان وجهها الملفوف بحجاب ابيض يظهرها كما لو انها هبطت من القمر....لا من السماء ذاتها....وصل بعزيمة شبه معدومة....ولما لا ...فكل خطوة الى هناك .تذكره بها..كل خطوة الى هناك .موت بطىء...انتحار على نار هادئة...وصل وقد انقطعت انفاسه....سيل غريب من العبارات والجمل تتساقط على ذهنه "اسمه عبده".....خطوة اخرى....."اصله صيدلانى"........."انا اسفة" ....."بابا موافق عليه"
اسند ظهره الى حائط كهل متهاو تماما كحال قلبه المهترىء....نعم انه امام منزلها....لا يدرى لماذا اتى الى هنا ولكنه قد  أتى....امسك بطباشيرة قديمة ملقاة على الارض...وكتب بها على الحائط........"كان ليه دا كله......... من مجهــــــول"...وفجأة..
تضاء كل المصابيح ....انها الكهرباء عادت للعمل...يتلفت حوله بنظرات سريعة....ليجد نفسه مازال شاردا فى تلك الشرفة الكئيبة باهتة المنظر يرشف من كوب الشاى ينتظر شروق الشمس معلنة عن نهاية الليل



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق